بقلم: ليزا موشي
التراث السرياني يمثل جزءاً هاماً من تاريخ الحضارة الإنسانية، حيث يمتد جذوره إلى آلاف السنين. يعود تاريخ السريان إلى العصور القديمة حيث كانوا يعيشون في منطقة بلاد الرافدين، وهي المنطقة التي تشمل العراق وسوريا وجزءاً من تركيا وإيران الحالية. وقد أسهم التراث السرياني بشكل كبير في العديد من المجالات منها الأدب والفنون والعلوم.
تشتهر الثقافة السريانية بمساهماتها الفريدة في الأدب والشعر، حيث كتب العديد من الكتّاب والشعراء السريان مؤلفات لا تزال تُدرس وتُحلل حتى اليوم. بالإضافة إلى ذلك، فإن التراث السرياني يشمل أيضًا العديد من الآثار والمعابد الدينية التي تعكس التقاليد والمعتقدات الدينية لهذه الحضارة القديمة.
من الجوانب المهمة للمحافظة على التراث السرياني هي الحفاظ على اللغة السريانية والعادات والتقاليد الفريدة لهذا الشعب. يعمل العديد من المؤسسات الثقافية والتعليمية في مناطق تواجد السريان على تعزيز اللغة السريانية وتعليمها للأجيال الجديدة، بالإضافة إلى الحفاظ على العادات والتقاليد الثقافية من خلال الاحتفالات والفعاليات الثقافية.
علاوة على ذلك، فإن الجهود الدولية والمحلية لحماية المواقع الأثرية السريانية تلعب دوراً هاماً في المحافظة على تراث هذه الحضارة. يتم تصنيف بعض المواقع الأثرية السريانية كتراث عالمي من قبل منظمة اليونسكو، مما يساهم في جذب الانتباه إلى أهمية الحفاظ عليها وتوفير الدعم اللازم للحفاظ عليها.
ضمن الجهود المبذولة من أجل الحفاظ على التراث السرياني ، مهرجان التراث السرياني الذي يتم اقامته في عنكاوا من قبل المديرية العامة للثقافة و الفنون السريانية و مديرية التراث و المتحف السرياني، هو حدث سنوي يجمع بين الفن والثقافة والتراث للمجتمع السرياني في العراق و خارجه. يُعتبر هذا المهرجان فرصة لعرض الفنون التقليدية السريانية، بما في ذلك الموسيقى والرقص والأزياء التقليدية والفنون اليدوية. يشارك في المهرجان فنانون وحرفيون لعرض مواهبهم ومهاراتهم الفنية. بالإضافة إلى العروض الفنية، يتم تنظيم معارض للفنون التشكيلية والصورية والحرفية التقليدية، و معارض للحرف التقليدية السريانية مثل النسيج والخياطة و الأدوات التقليدية. يجذب مهرجان التراث السرياني في عنكاوا مئات الزوار كل عام، ويعزز الفهم والتقدير للثقافة السريانية وإرثها الغني والمتنوع. يهدف المهرجان إلى تعزيز الوعي بالتراث الثقافي للسريان والمحافظة عليه من خلال جذب الشباب وتشجيعهم على المشاركة والاهتمام بثقافتهم التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر المهرجان مناسبة للتواصل والتفاعل بين أفراد المجتمع السرياني والمجتمعات الأخرى في العراق، مما يعزز التفاهم الثقافي والتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة.
باختصار، يعد التراث السرياني جزءًا لا يتجزأ من التراث الإنساني، ويجب العمل على مواصلة الجهود للحفاظ عليه ونقله للأجيال القادمة، سواء من خلال دعم اللغة والثقافة السريانية أو من خلال حماية المواقع الأثرية والتاريخية السريانية.
